تُجرى حاليًا مشاورات مكثفة لتحديد قيمة قصر "محمد عبود أفندي" الذي شهد تصوير المسلسل التركي "نور"، المعروض حاليًا على قناة mbc ، مدبلجًا إلى العربية؛ تمهيدًا لبيعه بعد أن لفت إليه الانتباه بشدة، في أعقاب النجاح الكبير الذي حققه المسلسل.
وقدر البعض قيمة القصر بـ75 مليون يورو، واللافت أن المسؤول عن بيع القصر هو شقيق الممثل التركي الذي أدّى دور "مهند" في المسلسل.
وبعيدًا عن القيمة المادية للقصر الذي شيَّده الثري التركي "محمد عبود أفندي" قبل مائة وخمسين عامًا على شاطئ مضيق البوسفور، فبالتأكيد أنه لم يكن يدرك أنه سيتحول يومًا إلى همزة الوصل بين بلاده وكثيرٍ من السائحين العرب الذين قصدوا تركيا خصيصًا لزيارة القصر، لاسيما أنه المكان الذي شهد قصة حب نور ومهند، طبقًا للمسلسل.
فالقصر الذي ظل مهجورًا طيلة السنوات الماضية تلقى "قبلة الحياة" على يد نور ومهند، فبات المكان المفضل للسائحين العرب الذين قصدوا تركيا بأعدادٍ غفيرة خلال الصيف الجاري، إذ وضع أغلبهم زيارة قصر نور في مقدمة برنامجه السياحي، وفقا لمجلة "سيدتي" في عددها الأخير.
وبمجرد المرور إلى هذا المكان يشعر الزائر بأنه يعرفه حق المعرفة، وكأنه منزله الذي ابتعد عنه لفترةٍ ثم عاد إليه، ففي كل زاوية منه يُخيّل للزائر أنه ينظر في صندوق "الفرجة"، ويلمح تلك التفاصيل الدقيقة لقصة حب بسيطة جميلة تابعها على مدى أيام متواصلة، ولا يزال.
غرفة نوم نور
عند مدخل القصر يلحظ الزائر- حسب المجلة - الكثير من الوجوه ذات الملامح العربية، وقد بدا عليها حالة من الانبهار والشغف بمعرفة كافة محتويات القصر.. "مها" المراهقة العربية التي لم تترك ركنًا في القصر إلا وصوّرته، تعلق على زيارتها قائلة: "هناك تفاصيل كثيرة تغيّرت في القصر، فالسرير في غرفة نور لم يكن ذاته، وفي الصالون تغيّر مكان الكونسول، لكنني سعيدة جدًا بمشاهدتي للقصر، وكنت وأمي وأخواتي قد أصررنا هذا العام على زيارة تركيا لمشاهدتها".
وأضافت" الأمر غير مرتبط بالقصر فقط، بل هناك أماكن كثيرة شاهدتها في المسلسل، وسأطلب من المرشد السياحي أن يأخذني، باختصار، تركيا من أجمل البلدان التي زرتها في حياتي".
"لا عجب أن يثير مسلسل نور كل تلك الضجة في العالم العربي، فالناس دائمًا تبحث عن كل ما هو جديد ومميّز"، بهذه الكلمات بدأ عبد الله كوهجي القادم إلى تركيا بصحبة زوجته زينب من البحرين حديثه، وأضاف: "نحن العرب مللنا من الأعمال الدرامية الحزينة التي تتحدث عن الفقر والمعاناة، وصرنا نبحث عن بعض الفرح أو بعض التفاصيل التي تشبه حياتنا، وهذا ما قدّمه مسلسل "نور"، فهنا استطعنا أن نرى كيف يعيش المجتمع الأرستقراطي حياته".
وتعلق زوجته زينب قائلةً: "لا أصدّق أنني في القصر، فهو يختلف تمامًا عمّا شاهدناه في التلفزيون، سافرت هذا العام إلى تركيا بسبب تلك المشاهد التي كانت تمرّ في المسلسل الذي لفت أنظار العرب إلى تركيا من جديد، وكأنه يجعلنا نكتشفها للمرة الأولى".
أما عمر القواسمي، وهو سائح عماني، فيقول لمجلة "سيدتي": إنه لم يكن يشاهد المسلسل من قبل، إلا أن عائلته المكوّنة من خمسة أفراد كانت تتحلّق حول الشاشة الفضية لساعةٍ من الزمن دون ضجيج، لدرجةٍ دفعته لمتابعة العمل الوحيد الذي يجمع عائلة بأكملها من صغيرها إلى كبيرها.
ويضيف: "بالنسبة لي الأجمل أنه يطلّ على مشهدٍ حي لا نستطيع وصفه بكلمات، كما إن رؤية قارتين مرتبطتين بمضيق يمزج مياه بحر مرمرة بالبحر الأسود هي بمثابة لوحةٍ فنية رائعة، هنا يوجد البحر والجبل والخضرة في آنٍ واحد، ما يجعلنا نشعر ببعض السلام الذي نبحث عنه دائمًا وسط حياة عملية بحتة".
وترى أماني أبو خلف أن القصر حالةٌ فريدة من الجمال، باعتبار أنه بني في حقبة زمنية قديمة، لكنه لا يزال محافظًا على تلك الجمالية حتى بعد أن مرّت عليه تلك السنوات، مؤكّدة أن الشيء الجميل يستطيع أن يحافظ على مكانته مهما تقدّم به الزمن.
150 زائرًا يوميًا
سردار المشهداني- مستثمر القصر- يؤكّد أنه فُوجئ بالإقبال الذي يشهده قصر نور، معبّرًا عن دهشته إزاء تحوّل القصر إلى واجهة سياحية لاسطنبول.
ويقول: "هذا القصر كان مركونًا لسنوات دون أن يهتم به أحد، وكان مالكه قد عرضه للبيع، إلا أن هذا العمل التلفزيوني قلب كل الموازين، حتى إن الأتراك أنفسهم يستغربون تلك الضجة التي أثيرت حول المسلسل الذي مرّ مرور الكرام".
ويتابع بالقول: "برأيي الشخصي فإن الناس أحبّت العمل لأنه يتمتّع بنَفَسٍ شرقي بحت، فنحن في تركيا لدينا ذات العادات والتقاليد الموجودة في العالم العربي، وتجمعنا وحدة الدين، وأشياء أخرى كثيرة، لكن الاستعمار الأوروبي فصل تركيا عن العالم العربي بشكلٍ أو بآخر، إلا أن هذا العمل أعاد للناس ذاكرتهم، وجعلهم يرون تركيا الآن بشكلٍ آخر وبعين الحقيقة".
وعن نسبة الزائرين الذين يحضرون للقصر يقول: "حتى الآن نستقبل من 100 إلى 150 سائحًا عربيًا يوميًا، لكنني سأرفع سقف التوقّعات لأنني أتوقّع أن يزداد العدد إلى ضعفين خلال الأسبوعين المقبلين، خاصةً أن الموسم السياحي في تركيا قد بدأ للتو".
وفي السياق ذاته كشفت إدارة القصر عن أن هناك إقبالاً كبيرًا على شراء التذكارات الخاصة بالمسلسل، ومن الأمثلة على ذلك أن امرأة يمنية اشترت مجموعة أغطية الأسرّة الخاصة بسرير نور في المسلسل لقاء مبلغ تجاوز 4600 دولار أمريكي.
كما أن سعر إحدى السجادات المصنوعة من الحرير الطبيعي وصل إلى مليون دولار، فيما تفاوتت أسعار السجادات الأخرى ما بين 5 آلاف و21 ألف دولار.